صحفيات بلاقيود : توقف صرف مرتبات المعلمين في تعز يفاقم معاناتهم
تابعت منظمة صحفيات بلا قيود بقلق بالغ التقارير الواردة حول توقف الحكومة المعترف بها دوليًا عن صرف مرتبات المعلمين في محافظة تعز منذ ثلاثة أشهر.
ووفقًا للمعلومات التي تلقتها المنظمة، فقد توقفت الحكومة عن صرف المرتبات منذ شهر أكتوبر الماضي، مما فاقم من معاناة المعلمين في ظل تردي الأوضاع الاقتصادية، حيث تشهد العملة الوطنية انهياراً غير مسبوق وارتفاعًا مهولًا في أسعار السلع الأساسية والخدمات، مما جعل القدرة الشرائية للمواطنين، وعلى رأسهم المعلمون، في أدنى مستوياتها.
يمثل المعلمون حوالي 70% من إجمالي القوى العاملة في القطاع الحكومي بمحافظة تعز، حيث يقدر عددهم بنحو 43 ألف معلم ومعلمة، وفق إحصائيات سابقة. ومع استمرار الأزمة، يواجه هذا القطاع الحيوي ضغوطًا هائلة تهدد استمرارية العملية التعليمية بشكل كامل.
في بيان صادر عن نقابة المعلمين بمحافظة تعز، رصدته المنظمة، طالبت النقابة بسرعة صرف مرتبات المعلمين أسوة بموظفي المكاتب التنفيذية في المحافظة. وأوضح البيان أن توقف صرف المرتبات يعود إلى خلاف بين السلطة المحلية والحكومة حول الجزاءات المستقطعة من الرواتب، مشددًا على أن مرتبات المعلمين يجب أن تبقى بمنأى عن تلك الخلافات.
ويعيش المعلمون وأسرهم أوضاعًا مأساوية وسط ارتفاع غير مسبوق في أسعار السلع الأساسية والخدمات، مما جعلهم عاجزين عن تأمين احتياجاتهم الأساسية. إن استمرار هذا الوضع لا يهدد حياة المعلمين فحسب، بل يعرض العملية التعليمية برمتها لخطر التوقف، مما ينذر بعواقب وخيمة على مستقبل الأجيال القادمة. وفي المناطق الواقعة تحت سيطرة مليشيا الحوثي، يعاني المعلمون وموظفو القطاع العام من توقف صرف مرتباتهم منذ سنوات، مما تسبب في معاناة إنسانية شديدة وحرمان آلاف الأسر من مصادر دخلهم الأساسية.
وقد أدى هذا الانقطاع إلى زيادة معدلات الفقر والجوع، مع اضطرار الكثير من العاملين إلى البحث عن أعمال إضافية أو الهجرة لتأمين احتياجات أسرهم. وتعزى هذه الأزمة إلى استحواذ المليشيا على موارد الدولة واستخدامها لتمويل الحرب بدلًا من صرف المرتبات، ما يشكل انتهاكًا واضحًا للحقوق الاقتصادية والاجتماعية للعاملين. هذا الوضع لا يهدد حياة الموظفين وأسرهم فحسب، بل يساهم أيضًا في تدهور القطاعات الحيوية، وعلى رأسها التعليم، مما يترك آثارًا كارثية على المجتمع ومستقبل الأجيال القادمة.
تشدد منظمة “صحفيات بلاقيود” على أن الحقوق الاقتصادية والاجتماعية وفقًا للمواثيق والمعاهدات الدولية تعد جزءًا أساسيًا من حقوق الإنسان التي يجب أن تُحترم وتُحفظ دون انتقاص. وتنص المادة 23 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان على “حق كل فرد في أجر عادل ومناسب يكفل له ولأسرته عيشة لائقة”. كما أن العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، والذي صادقت عليه العديد من الدول، بما في ذلك اليمن، يلزم الحكومات بتوفير شروط عمل عادلة ومُرضية، تضمن الأمن المادي للعاملين واستمرارية حصولهم على أجورهم بانتظام. ويشدد العهد أيضًا في المادة 13 على أن التعليم هو حق أساسي، وأن توفير الموارد اللازمة للمعلمين هو جزء لا يتجزأ من ضمان هذا الحق.
إن توقف صرف مرتبات المعلمين في محافظة تعز يشكل انتهاكًا واضحًا لهذه المبادئ الدولية، مما يتطلب من الحكومة المعترف بها دوليًا اتخاذ إجراءات عاجلة لتصحيح الوضع بما يتماشى مع التزاماتها القانونية والإنسانية.
تستهجن منظمة صحفيات بلا قيود توقف صرف مرتبات المعلمين في محافظة تعز، و تطالب الحكومة بتحمل مسؤولياتها القانونية والإنسانية، وسرعة صرف مرتبات المعلمين كحق أساسي، وضمان انتظامها لتعزيز استقرار العملية التعليمية وحماية حقوق العاملين في هذا القطاع الحيوي.
كما تطالب المنظمة بتنفيذ إصلاحات شاملة لمعالجة الاختلالات في إدارة الموارد المالية وتحقيق الشفافية في صرف المرتبات، بما يضمن عدم تكرار مثل هذه الأزمات.