بمناسبة اليوم العالمي لحقوق الإنسان الذي يصادف العاشر من ديسمبر/كانون الأول، تؤكد منظمة “صحفيات بلا قيود” أهمية هذا اليوم الذي يُعتبر تتويجاً لنضال البشرية عبر العصور.
ذلك النضال الذي كان ثمرة تضحيات كبيرة، مهد الطريق لإعلان المبادئ والقيم العالمية التي تحمي كرامة البشر وحقوقهم الأساسية، وتُرسخ لغة موحدة يتفق عليها جميع الأحرار حول العالم. تدعو المنظمة إلى احترام حقوق الإنسان كمنظومة شاملة غير قابلة للتجزئة.
وترى “صحفيات بلا قيود” أن هذا اليوم ليس مجرد احتفال رمزي، بل فرصة للتأمل في التحديات التي تحول دون تحقيق حقوق الإنسان على أرض الواقع. هذه التحديات، التي تثقل كاهل المجتمعات بالانتهاكات، تتطلب عملاً جماعياً لمعالجتها. نحن بحاجة إلى نشر ثقافة حقوق الإنسان وترسيخها كقيمة سامية تُمارس يومياً، وليست مجرد شعارات تُرفع في المناسبات.
تزايد الانتهاكات واستهداف المدنيين
تشير المنظمة إلى أنه خلال السنوات الأخيرة، تصاعدت النزاعات المسلحة بشكل كبير، مع تزايد استهداف المدنيين في العديد من المناطق. شكل هذا الوضع تهديداً مباشراً للمبادئ التي بُنيت عليها منظومة حقوق الإنسان، وتسبب في حالة إحباط عامة، خاصة في ظل عجز الآليات الدولية عن وقف هذه الانتهاكات. وفي هذه اللحظة المفصلية، تؤكد المنظمة على ضرورة تكاتف الجهود للتذكير بأن حقوق الإنسان ليست امتيازاً تمنحه الأنظمة، بل هي جوهر وجودنا المشترك وأساس السلام والعدالة.
وبينما نحتفل باليوم العالمي لحقوق الإنسان، فإننا نجد أنفسنا أمام تحدٍ جسيم يتمثل في ضآلة ما يفعله العالم لوقف جرائم الحرب وجرائم الإبادة الجماعية التي ترتكب في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا: حيث يُقتل مئات المدنيين كل يوم في قطاع غزة بالهجمات الإسرائيلية. وتشن أطراف الصراع في السودان -قوات الدعم السريع على وجه الخصوص- حملة شعواء من جرائم القتل الجماعي والاغتصاب والنهب والتهجير القسر على أساس العرق والهوية. وسقط آلاف المدنيين اللبنانيين بالحرب الأخيرة التي شنتها إسرائيل. وفي سوريا عادت الحرب الأهلية بشكل أكثر ضراوة لتقتل مئات المدنيين. واليمن التي رغم وقف إطلاق النار الهش ما يزال الضحايا المدنيين يسقطون. والعراق الذي يعاني من الفرز الطائفي والعشائري ونفوذ الجماعات المسلحة. لقد تسببت تلك الحروب في تشريد داخلي لم يعرفه المنطقة مع وجود حوالي 15.6 مليون شخص من النازحين قسراً (حسب المفوضية السامية لشؤون اللاجئين).
كما ما تزال الأنظمة السلطوية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا القديمة والجديدة، تسوم مواطني هذه البلدان سوء العذاب، وترتكب الأجهزة الأمنية والجماعات المسلحة انتهاكات لا حصر لها للحقوق والحريات دون رادع أو مسائلة. كما تشهد المنطقة تراجع مقلق في البيئة الحقوقية والتشريعية. فغياب الحريات الأساسية، والتضييق على الصحافة، والنشاط الحقوقي، أصبحت سمة بارزة في العديد من الدول. ومع ذلك، تؤكد المنظمة التزامها بالدفاع عن حقوق الإنسان، إلى جانب جميع الأحرار في المنطقة والعالم، وتؤمن بأن بناء مجتمعات عادلة وحرة لا يتحقق إلا عبر نضال مستمر وشجاعة لا تعرف التراجع.
دعوة للعمل المشترك
تلفت “صحفيات بلا قيود” الانتباه إلى الأزمات الهيكلية التي تعاني منها المؤسسات الأممية المعنية بحقوق الإنسان. لقد أثرت هذه الأزمات على حيادية تلك المؤسسات وفعاليتها، وجعلت قراراتها رهينة للمصالح السياسية. وقد ظهر هذا جلياً في المواقف المترددة والمتباينة إزاء الجرائم المروعة التي ارتُكبت مؤخراً في غزة. إن هذا الواقع يُحتم علينا العمل بجد لإصلاح المنظومة الأممية، وتعزيز شفافيتها، وضمان التزامها بمسؤولياتها بعيداً عن الحسابات السياسية والنفوذ.
في الوقت الذي تثمن فيه المنظمة القرارات والمعاهدات الدولية التي أرست جزءاً من العدالة الإنسانية، تؤكد على أهمية تحويل هذه القرارات إلى أفعال ملموسة. فالقرارات الدولية، ومنها ما يتعلق بجرائم الحرب في غزة، لن تحقق العدالة ما لم تتضافر الجهود الدولية لإرغام مرتكبي الجرائم على الخضوع للمحاسبة وضمان إنصاف الضحايا.
تختتم “صحفيات بلا قيود” بيانها بدعوة الجميع، أفراداً ومؤسسات، إلى تجديد العهد مع المبادئ الإنسانية التي تشكل أساس كرامتنا المشتركة. الكرامة، الحرية، والعدالة ليست مجرد شعارات، بل حقوق يجب أن نصونها بتضحياتنا وجهودنا المشتركة. لنعمل بروح واحدة على بناء عالم يُنصف الجميع ولا يترك أحداً خلف الركب.
صحفيات بلا قيود
10 ديسمبر /كانون الأول 2024