قالت منظمة صحفيات بلا قيود أنها رصدت سقوط عشرات المدنيين السوريين، قتلى وجرحى بسبب الألغام، منذ بداية كانون الأول/ديسمبر 2024 وحتى الآن. ودعت المنظمة جميع الأطراف في سوريا إلى تحديد مواقع الألغام على وجه السرعة والعمل على إزالتها.
ونبهت صحفيات بلا قيود إلى ارتفاع أعداد الضحايا السوريين بسبب الألغام خلال الأيام الماضية، وأوضحت أن ذلك يستدعي تحركاً عاجلاً للتقليل من أعداد الضحايا ومساعدة المدنيين في حركة التنقل بأمان.
بتاريخ 14 كانون الأول/ ديسمبر الحالي، قُتلت عائلة مكونة من ستة أفراد، عندما انفجر لغماً أرضياً بسيارة كانت تستقلها العائلة قرب قرية أبو لفة شرق محافظة حماه. وقد أدى الانفجار إلى مقتل ثلاثة أطفال وامرأتان ورجلاً، عندما كانت العائلة في طريق عودتها إلى المنزل.
تشير التقارير إلى الصعوبات التي يواجهها السوريون أثناء حركة التنقل، وتحديداً النازحون العائدون إلى منازلهم بعد رحيل نظام بشار الأسد، وبناء على البيانات الواردة، تعتقد صحفيات بلا قيود الألغام واحدة من أشكال الموت التي تنغص على السوريين فرحتهم بالمرحلة الجديدة، ولهذا ندعو المجتمع الدولي لتطهير سوريا من الألغام.
وكانت سوريا قد حلت في المرتبة الأولى عالمياً، من حيث عدد ضحايا الألغام، سنة 2020 بنحو 2729 ضحية (قتلى ومصابين) من أصل 7073 قتلوا أو أصيبوا في العالم أجمع، كما حلت في المرتبة الثانية ، سنة 2023 بمقتل 933 شخصاً.
وضاعف نظام الرئيس السوري بشار الأسد، استخدام هذه النوع من الأسلحة المحظورة بعد خروج السوريين باحتجاجات شعبية للمطالبة برحيل الأسد سنة 2011، وبحسب تقرير سابق للشبكة السورية لحقوق الإنسان فإن العديد من أطراف النزاع والقوى المسيطرة قد استخدمت الألغام الأرضية المضادة للأفراد أيضاً.
ومن الواضح أن المحافظات السورية تشهد ارتفاعًا ملحوظاً في عدد الألغام المنفجرة بالمدنيين منذ أن شنت فصائل المعارضة السورية أواخر نوفمبر الماضي، هجوماً على قوات نظام بشار الأسد، وأجبرته على مغادرة الرئاسة واللجوء إلى روسيا في الثامن من ديسمبر الحالي، تاركاً خلفه سجلاً أسوداً بانتهاكات حقوق الإنسان.
وبالإضافة إلى حالة الانتهاك التي تعرضت له أسرة في محافظة حماة، وأودى بحياة ستة من أفرادها قبل أيام، رصدت صحفيات بلا قيود حالات أخرى، في 4 محافظات سورية، منذ بداية ديسمبر.
إدلب
وكان مقتل الطفل إياد سلطان الإسماعيل، آخر ضحايا الألغام الذين تم رصدهم، أمس الأربعاء، 18 ديسمبر. وبحسب منظمات حقوقية سورية، فقد قُتل الطفل الذي يبلغ من العمر 15 سنة، وأصيب شقيقيه، إثر انفجار لغم في أرض زراعية بين بلدة تلمنس وقرية معرشورين، شرق إدلب.
وبتاريخ 14 ديسمبر، كان محمد عبدالمعين، 17 سنة، وشقيقه عبدالرحمن عبدالمعين 14 سنة، من أبناء معرة النعمان محافظة إدلب، في طريقهم لجني ثمار الزيتون، من إحدى المزارع بأطراف قرية سان شرق إدلب، ولكن لغماً انفجر بالشقيقين، ما أدى إلى مقتلهم وإصابة طفلين آخرين.
دير الزور
وفي محافظة دير الزور، انفجر لغم في قرية معيزيلة، ما أدى إلى مقتل ثلاثة مدنيين، قبل أربعة أيام، أي بتاريخ 14 ديسمبر.
وكان رائد الحوت، قد قتل في بلدة بقرص محافظة دير الزور، في 11ديسمبر، وفي اليوم نفسه، لقي عواد الحسين وعدي عرفات حتفهم إثر انفجار لغم بقرية الدوير شرق المحافظة.
وفي 10 ديسمبر، قتل الشاب علي عواد السعيد، من بادية مدينة القورية، بانفجار لغم في المنطقة.
حلب
ومن الحالات البارزة، لانتهاكات حق الحياة، بسبب الألغام في محافظة حلب، الانفجار الذي وقع في محيط مدينة الأتارب غرب المحافظة، في 10 ديسمبر الحالي. قالت المصادر السورية بأن عصام قشيط وشقيقه محمود وبينما كانا يحرثان الأرض، انفجر لغم بهما، ما أدى إلى مقتل الشقيقين.
وكانت كوثر مصطفى قد قُتلت، إثر انفجار لغم بأطراف قرية كفرتعال في ريف محافظة حلب الغربي، بتاريخ 5 كانون الأول/ديسمبر.
الألغام وإلحاق الضرر بالمدنيين
ويحظر البروتوكول الثاني لاتفاقية الأمم المتحدة 1980، استخدام الألغام لما تسببه من أضرار للمدنيين. بينما ينص البروتوكول الأول الملحق لاتفاقية جنيف 1977، على أنه: «تعمل أطراف النزاع على التمييز بين السكان المدنيين والمقاتلين وبين الأعيان المدنية والأهداف العسكرية ومن ثم توجه عملياتها ضد الأهداف العسكرية دون غيرها، وذلك من أجل تأمين احترام وحماية السكان المدنيين والأعيان المدنية».
أما معاهدة أوتاوا، المعروفة بـ «اتفاقية حظر الألغام» الموقعة سنة 1997، فتحظر استخدام أو نقل أو إنتاج أو تخزين الألغام المضادة للأفراد.
وبلغت عدد الدول الموقعة على معاهدة أوتاوا، 164 دولة حتى سنة 2023، ورغم أن سوريا ليست من الدول الموقعة على المعاهدة، إلا أن عدد الموقعين الذي يتضمن الغالبية العظمى من دول العالم، يرفع درجة الحظر إلى العرف الدولي ما يجعله ملزماً لكافة الدول سواءً وقعت على الاتفاقية أم لا.
وبناءً على ذلك، تدعو صحفيات بلا قيود إلى التحقيق العاجل لتحديد الأطراف المسؤولة عن زراعة الألغام في سوريا، ومعاقبة الأشخاص المسؤولين عن استخدام هذا النوع من الأسلحة الذي لا يفرق بين الإنسان المدني والمقاتل، بالإضافة إلى أنه يشكل خطراً على المدنيين لفترة طويلة حتى بعد فترة انتهاء الصراع.
كما تدعو منظمة صحفيات بلا قيود إلى:
ـ الإفصاح عن المعلومات المتعلقة بمواقع زراعة الألغام، من قبل جميع الأطراف في سوريا، بما في ذلك نظام الرئيس السابق بشار الأسد. ينبغي ـ حالاًـ معرفة المواقع التي يستخدمها المدنيين، عادةً، مثل الطرقات والمنشآت السكنية وذلك من أجل فرض بروتوكولات السلامة، بشكل عاجل، والحد من ضحايا الألغام.
ـ تبادل المعلومات مع الهيئات والفرق الهندسية التي تعمل على إزالة الألغام للحد من المخاطر التي سيواجهونها أثناء عملية الإزالة.
ـ على المنظمات الدولية أن تدعم الهيئات المحلية والفرق الهندسية، بالتدريب اللازم، وتوفير المستلزمات التقنية والوقائية التي يحتاجها نازعي الألغام، وكذلك مدهم بالاستشارات والخبراء الدوليين إن اقتضى الأمر.
ـ الكف فورا عن استخدام الألغام المضادة للأفراد، وكذلك المضادة للمدرعات التي تزرع بشكل عشوائي وتلحق ضرراً بالمدنيين.
ـ معالجة المتضررين من الألغام الذين تعرضوا لأضرار جسدية ومعنوية، وتقديم الدعم النفسي لأقاربهم.