![صحفيات بلاقيود تدعو إلي وقف موجة الاحكام السياسية في تونس](/images/2025/02/06/b4e8f2a2-0f52.jpg)
تعرب منظمة "صحفيات بلا قيود" عن قلقها العميق وإدانتها الشديدة للأحكام القضائية القاسية التي أصدرتها السلطات التونسية ضد عدد من الشخصيات السياسية والصحفيين.
إن هذه الأحكام تمثل تصعيدًا خطيرًا في استهداف الحريات العامة وتقويض التعددية السياسية، مما يعكس توظيف القضاء كأداة للانتقام السياسي، في انتهاك صارخ للمعايير الدولية لحقوق الإنسان وضمانات المحاكمة العادلة.
وفقًا لمصادر تونسية، أصدرت المحكمة الابتدائية في تونس بتاريخ 5 فبراير 2025 أحكامًا مشددة بالسجن، تراوحت بين 5 و35 عامًا، بحق 48 متهمًا، من بينهم زعيم حركة النهضة راشد الغنوشي، الذي حُكم عليه بالسجن 22 عامًا رغم ظروف اعتقاله القاسية وعمره الذي تجاوز 83 عامًا ، وولدية " سمية، ومعاذ كما شملت الأحكام رئيس الحكومة الأسبق هشام المشيشي (35 عامًا)، ووزير الخارجية الأسبق رفيق عبد السلام (34 عامًا)، وعددًا من الشخصيات السياسية والصحفيين ، من بينهم والمدير العام السابق لقناة الجزيرة وضاح خنفر بـ35 سنة سجن، والمدون في سليم الجبالي، الصحافية شذى حاج مبارك، في ما بات يُعرف بقضية "إنستالينغو"، التي شملت اتهامات غامضة مثل "المساس بأمن الدولة" و"التحريض على الفوضى".
تؤكد منظمة "صحفيات بلا قيود" أن هذه الأحكام لم تراعِ المعايير القانونية الدولية، حيث حُرم المتهمون من حقهم في الدفاع عن أنفسهم، وصدر القضاء أحكامه في ظروف تثير تساؤلات جدية حول نزاهته واستقلاليته، مما يعزز المخاوف من توظيفه كأداة سياسية. ويعد استهداف الصحفيين بهذه الأحكام انتهاكًا صارخًا للمادة 19 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، التي تكفل حرية الصحافة وحماية الصحفيين من أي ملاحقة تعسفية. وفي هذا السياق، وصف المحامي والناشط السياسي عبد الوهاب معطر هذه الأحكام، في تصريح للجزيرة نت، بأنها تعكس "ظلماً صارخًا" يطال المعتقلين السياسيين في تونس، معتبرًا أن قضية "إنستالينغو" لا تستحق مثل هذه الأحكام القاسية، بل لا تستوجب أي محاكمة من الأساس، محذرًا من أن القضاء بات خاضعًا للسلطة التنفيذية، مما يشكل تهديدًا خطيرًا للحريات العامة.
وصفت منظمة عدالة لحقوق الانسان هذه الأحكام، معتبرةً أنها تمثل انتهاكًا صارخًا لحقوق الإنسان وتضييقًا غير مسبوق على حرية الصحافة والتعبير في تونس. وطالبت المؤسسة بالإفراج الفوري عن جميع المعتقلين السياسيين والصحفيين، ووقف ما وصفته بـ"الممارسات القمعية التي تهدف إلى إسكات الأصوات الحرة
واشارت بلا قيود الي إن تزايد توظيف القضاء لملاحقة المعارضين والصحفيين يؤكد التوجه نحو الحكم الفردي، وهو ما يشكل نكسة خطيرة للتحول الديمقراطي في تونس بعد ثورة 2011. لقد تم اعتقال عدد كبير من الشخصيات السياسية من مختلف الأطياف، بما في ذلك زعماء أحزاب يسارية وليبرالية، مما يعكس حملة قمعية ممنهجة تهدف إلى إضعاف الحياة السياسية وتعزيز السيطرة المطلقة على مؤسسات الدولة.
مؤكدة إن استمرار هذه السياسات القمعية لن يؤدي إلا إلى مزيد من التوتر السياسي والاجتماعي، وسيضر بسمعة تونس على المستوى الدولي، كدولة كان يُنظر إليها كنموذج للانتقال الديمقراطي في المنطقة. كما أن الملاحقات المستمرة بحق الصحفيين والسياسيين ستعمّق أزمة الثقة في مؤسسات الدولة، وتهدد استقرار البلاد على المدى البعيد.
تدعو منظمة "صحفيات بلا قيود" السلطات التونسية إلى التراجع الفوري عن هذه الأحكام الجائرة، وضمان الإفراج عن جميع المعتقلين السياسيين والصحفيين الذين تمت محاكمتهم بسبب آرائهم أو عملهم الصحفي. كما تطالب المنظمة المجتمع الدولي والمنظمات الحقوقية بالتحرك العاجل للضغط على السلطات التونسية لضمان احترام الحريات الأساسية، ووقف التدهور الخطير في مجال حقوق الإنسان.
بناءً على ذلك، تجدد منظمة "صحفيات بلا قيود" دعوتها إلى السلطات التونسية لاحترام مبدأ استقلال القضاء، ووقف الإجراءات التعسفية فورًا، وإعادة الاعتبار للحقوق الأساسية المكفولة بموجب الدستور والمعاهدات الدولية.
صادر عن منظمة "صحفيات بلا قيود"
6 فبراير 2025