
اليمن - تتابع منظمة “صحفيات بلا قيود” بقلق بالغ التقارير الواردة حول الجرائم والانتهاكات الممنهجة التي يتعرض لها المعتقلون في سجون مليشيا الحوثي، والتي أدت إلى وفاة العديد منهم تحت وطأة التعذيب الوحشي، في انتهاك صارخ للقوانين الدولية والمواثيق الحقوقية.
وفقاً للمعلومات التي تلقتها المنظمة ، ولتقارير حقوقية، فقد توفي الأسير جمال أحمد راوح المحمودي يوم 18 فبراير 2025، بعد أيام من إطلاق سراحه في 7 فبراير 2025، نتيجة مضاعفات التعذيب القاسي الذي تعرض له طيلة فترة اعتقاله منذ 12 يناير 2020 في سجن الأمن المركزي بصنعاء. وفي 11 فبراير 2025، أعلن برنامج الغذاء العالمي عن وفاة أحد موظفيه، أحمد باعلوي، في سجون الحوثيين بمحافظة صعدة، بعد أقل من شهر على اختطافه في 23 يناير 2025، مع موظفين آخرين، حيث تعرض للتعذيب الممنهج حتى فارق الحياة.
كما توفي الاسير محمد علي النسيم يوم 1 فبراير 2025، بعد عشرة أيام فقط من الإفراج عنه، متأثراً بإصابات جسيمة ناجمة عن خمس سنوات من التعذيب الوحشي في سجون الحوثيين، حيث اعتقل في 25 يناير 2020.
التعذيب في سجون الحوثي: انتهاكات ممنهجة وأساليب وحشية
وفقاً لمصادر حقوقية، أدى التعذيب في سجون مليشيا الحوثي إلى وفاة 140 معتقلاً، بينهم أسرى حرب، فيما تشير تقارير حقوقية الى وفاة نحو 300 شخصاً نتيجة التعذيب في سجون مليشيا الحوثي ، حيث تُستخدم المليشيا اساليب وحشية مثل الصعق بالكهرباء، الضرب، التعليق، والحرمان من النوم، ما تسبب في وفاة بعض الضحايا فوراً، بينما لقي آخرون حتفهم لاحقاً بسبب الإهمال الطبي. وأكدت شهادات الناجين في تلك التقارير تعرضهم لتعذيب متواصل لساعات وأيام، في إطار سياسة ممنهجة تستهدف المختطفين، حيث يُحرمون من الرعاية الطبية اللازمة، مما يؤدي إلى تفاقم أوضاعهم الصحية حتى الموت.
كما يصف مختطفون سابقون، من بينهم الصحفي المفرج عنه بعد ثماني سنوات من الاختطاف عبدالخالق عمران، سنوات احتجازهم في سجون مليشيا الحوثي بأنها “رحلة من العذاب”، حيث تعرضوا لشتى أنواع التعذيب الجسدي والنفسي، بما في ذلك الضرب بالعصي والحديد، الصعق بالكهرباء، التعليق لساعات، الإيهام بالموت، والحرمان من الطعام والعلاج، ما أدى إلى إصابتهم بأمراض مزمنة كالتهابات المفاصل، أمراض القلب والمعدة، وضعف النظر، والتقيؤ الدموي. وأكدوا أن التعذيب كان ممنهجاً ويُمارس يومياً على يد قيادات حوثية بارزة، فيما احتُجزوا في زنازين ضيقة بلا غذاء أو رعاية طبية، واستخدموا كدروع بشرية في مواقع مستهدفة بالقصف. كما أشاروا إلى أن الحوثيين كانوا يعتبرون تعذيب المختطفين “عملاً مقدساً”، وسط تهديدات مستمرة بالإعدام، ما خلّف آثاراً نفسية وجسدية دائمة على الناجين.
تلك الانتهاكات تكشف عن مستوى غير مسبوق من القسوة والتوحش في تعامل مليشيا الحوثي مع المختطفين، حيث يتم تعريضهم لأبشع أنواع التعذيب الجسدي والنفسي دون أدنى اعتبار لحقوق الإنسان أو القوانين الدولية. هذه الممارسات تمثل انتهاكاً صارخاً لكل معايير العدالة والكرامة الإنسانية، وتعكس سياسة ممنهجة تهدف إلى تدمير الروح المعنوية للأفراد والضغط عليهم لتحقيق أغراض سياسية. إن استمرار هذه الانتهاكات يتطلب تحركاً عاجلاً من المجتمع الدولي لمحاسبة المسؤولين عنها وضمان حماية حقوق المعتقلين في المستقبل.
أثر الاختطاف على الأسر: انتهاك يمتد للعائلات
تشير منظمة “صحفيات بلاقيود” إلى أن المعاناة لم تقتصر على المختطفين والمعتقلين فقط، بل أمتدت إلى أسرهم الذين يعيشون في ظروف نفسية وصحية قاسية نتيجة القلق الدائم والحزن على أحبائهم المحتجزين تعسفياً. وقد أدى هذا الواقع المأساوي إلى وفاة والدة المختطفة رباب المضواحي، التي عانت لأشهر من تدهور حالتها الصحية حتى فارقت الحياة قبل أيام. كما شهدت الأشهر الماضية وفاة والدة المختطفة سميرة بلح ووالدة المختطف مراد ظافر، وهما من موظفي المنظمات الدولية العاملة باليمن، الذين اختطفتهم مليشيا الحوثي في حملة قمعية منتصف العام الماضي.
إن هذه الانتهاكات الجسيمة لا تستهدف المختطفين فقط، بل تسلب أسرهم حقهم في الحياة الكريمة، ما يشكل انتهاكاً مضاعفاً لحقوق الإنسان ويؤكد الطابع الوحشي لسياسة الاختطاف والتعذيب التي تنتهجها مليشيا الحوثي.
التعذيب: جريمة ممنهجة تستوجب المحاسبة
تؤكد صحفيات بلاقيود أن هذه الجرائم تشكل انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي الإنساني، حيث تجرّم اتفاقية مناهضة التعذيب لعام 1984 جميع أشكال التعذيب. كما تُعد هذه الممارسات جرائم ضد الإنسانية وفقاً للمادة 7 من نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، كونها تتم بشكل واسع وممنهج ضد المدنيين والأسرى.
إن استمرار هذه الجرائم دون محاسبة يعزز مناخ الإفلات من العقاب، ويفتح الباب أمام المزيد من الانتهاكات بحق المدنيين والمختطفين، ما يهدد بشكل مباشر الحق في الحياة والسلامة الجسدية والنفسية.
إدانة ومطالب عاجلة للمجتمع الدولي
تدين منظمة “صحفيات بلا قيود” بشدة هذه الجرائم الوحشية التي ترتكبها مليشيا الحوثي بحق المختطفين، وتؤكد أن هذه الانتهاكات تمثل خرقاً صارخاً لحقوق الإنسان والقانون الدولي، وتندرج ضمن الجرائم ضد الإنسانية التي لا يمكن التسامح معها.
تدعو “صحفيات بلا قيود” الأمم المتحدة ومجلس حقوق الإنسان للتحقيق في جرائم التعذيب والقتل خارج القانون التي ترتكبها مليشيا الحوثي، وضمان محاسبة المسؤولين عنها وعدم إفلاتهم من العقاب. كما تحمل مليشيا الحوثي المسؤولية الكاملة عن حياة وسلامة كافة المعتقلين والمختطفين في سجونها، وتطالب بالإفراج الفوري وغير المشروط عنهم.
كما تدعو المنظمة ، المحكمة الجنائية الدولية إلى النظر في هذه الجرائم باعتبارها جرائم ضد الإنسانية، واتخاذ الإجراءات القانونية بحق القيادات المتورطة في هذه الانتهاكات، مؤكدةً أن استمرار هذه الجرائم دون محاسبة يشكل تهديداً خطيراً لمبادئ العدالة وحقوق الإنسان في اليمن، ويعكس حجم الانتهاكات التي يتعرض لها المعتقلون والمختطفون في ظل غياب أي رقابة دولية فاعلة.