البيانات الصحفية

كبار السن المحرومون من الحرية: ضرورة امتثال السعودية لالتزاماتها الدولية

كبار السن المحرومون من الحرية: ضرورة امتثال السعودية لالتزاماتها الدولية

تعرب صحفيات بلا قيود عن استنكارها البالغ وقلقها الشديد إزاء رفض السلطات السعودية السماح للمقررة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بحقوق كبار السن بزيارة اثنين من الدعاة الدينيين المعتقلين في سجون المملكة بسبب تعبيرهما عن آرائهما.

إن هذا المنع يشكل انتهاكًا صارخًا للمعايير الدولية لحقوق الإنسان، ويثير مخاوف جدية بشأن الأوضاع الصحية للمحتجزين وظروف احتجازهم. كما يؤكد هذا القرار على الحاجة الماسة لتعزيز الشفافية والمساءلة في القضايا الحقوقية، وضمان حصول كبار السن على الرعاية والحقوق الأساسية دون أي تمييز أو إهمال.

وخلال زيارتها الرسمية إلى السعودية في الفترة من 20 إلى 30 أبريل/نيسان 2025، بناءً على دعوة من الحكومة، أعربت المقررة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بحقوق كبار السن، الدكتورة كلوديا ماهلر، عن قلقها إزاء رفض السلطات السماح لها بمقابلة الشيخ سفر الحوالي (75 عامًا، من ذوي الإعاقة) والداعية الدكتور سلمان العودة (69 عامًا)، وهما من كبار السن الذين يقبعون في السجون منذ سنوات.

وأشارت إلى أن هذا المنع يثير بواعث قلق بشأن أوضاعهما الصحية وظروف احتجازهما، بالإضافة إلى بقية المعتقلين السياسيين في سجون المملكة.
وقدمت "ماهلر" تقريرًا أوليًا عن زيارتها، ومن المتوقع أن تعرض تقريرها الكامل على مجلس حقوق الإنسان في سبتمبر/أيلول 2025.
وتزامن وجود "ماهلر" في المملكة مع وفاة الأكاديمي المتقاعد قاسم القثردي (73 عامًا) في سجن أبها في 28 أبريل/نيسان، بعد أربع سنوات من اعتقاله وقضائه حكمًا بالسجن لمدة ثماني سنوات بتهمة حضور لقاء فكري وحيازة كتاب لدبلوماسي سعودي سابق. ورغم غياب تفاصيل دقيقة حول ظروف وفاته نتيجة لعدم شفافية الحكومة السعودية، أفاد ناشط حقوقي في أبها مطلع على التفاصيل بأن "الإهمال الطبي يقف وراء وفاته".

يأتي هذا الإجراء في ظل استمرار احتجاز الشيخ سفر الحوالي والداعية سلمان العودة لفترة طويلة، مما يثير قلقًا عميقًا بشأن وضعهما الصحي وظروف احتجازهما، خاصة وأن تقدمهما في العمر يستدعي توفير رعاية خاصة لتجنب تدهور حالتهما الصحية جراء الاحتجاز المطول.
ويواجه عشرات المعتقلين السياسيين من كبار السن ظروفًا مشابهة لتلك التي يعاني منها "الحوالي" و"العودة" وأدت إلى وفاة "القثيري"، ومن بينهم: الدكتور عوض القرني (68 عامًا)، و الدكتورعبدالعزيز العبداللطيف (65 عامًا)، والسيدة عائدة الغامدي (66 عامًا)، والدكتور رشيد الألمعي (72 عامًا)، والدكتور إبراهيم الفارس (68 عامًا)، والصحفي زهير كتبي (69 عامًا)، ومحمد بن دليم القحطاني (67 عامًا)، وإبراهيم الناصر (71 عامًا)، وسعود الهاشمي (60 عامًا)، وعبدالله اليحيى (74 عامًا)، وإبراهيم الحويطي (70 عامًا).


وترى صحفيات بلا قيود أن "احترام حقوق الإنسان لكبار السن معيار أساسي لتقييم مدى التزام الدول بمبادئ العدالة والإنصاف".
وأضافت: "يشكل هذا الرفض الصريح للاستجابة لطلب رسمي مقدم من آلية أممية مستقلة، معنية بمراقبة وتعزيز حقوق الإنسان لكبار السن، تطورًا مقلقًا وانتهاكًا واضحًا للالتزامات الدولية التي تعهدت بها المملكة العربية السعودية في مجال حقوق الإنسان".


لقد صادقت المملكة العربية السعودية على العديد من الاتفاقيات الدولية التي تعنى بحماية حقوق كبار السن، بما في ذلك اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، واتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، بالإضافة إلى اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة. كما أن المملكة طرف في الميثاق العربي لحقوق الإنسان، الذي يكرس الحقوق الأساسية، كالحق في الصحة والتعليم والضمان الاجتماعي، مما يعكس ضرورة التزامها بالمعايير الدولية في هذا الصدد.


ويؤكد النظام الأساسي للحكم في السعودية (المادة 27) على أن "تكفل الدولة حقوق المواطن وأسرته في حالة الطوارئ والمرض والعجز والشيخوخة، وتدعم نظام التأمينات الاجتماعية، وتشجع المؤسسات والأفراد على المشاركة في الأعمال الخيرية". كما أقرت المملكة في عام 2022 قانون حقوق ورعاية كبار السن، الذي يقنن حقوقًا أساسية كالحفاظ على الكرامة والاستقلالية والحماية من الإساءة للأشخاص الذين تبلغ أعمارهم 60 عامًا فأكثر.


وتؤكد صحفيات بلا قيود على أن "التواصل مع آليات الأمم المتحدة لحقوق الإنسان حق جوهري يتيح للمقررين الخاصين أداء مهامهم بفعالية، ويمكنهم من جمع معلومات مباشرة لتقييم وضع حقوق الإنسان على أرض الواقع. ويشكل منعهم من الوصول إلى المحتجزين، وخاصة كبار السن الذين قد يعانون من أوضاع صحية هشة، انتهاكًا لهذا الحق الأساسي وتقويضًا للجهود الدولية الرامية إلى تعزيز الشفافية والمساءلة في قضايا الاحتجاز".
وتدعو المجتمع الدولي والمنظمات الحقوقية إلى اتخاذ موقف حازم تجاه هذه الانتهاكات، والضغط من أجل ضمان حقوق المعتقلين، ولا سيما كبار السن، وفقًا لما تنص عليه المواثيق الدولية.


كما تطالب السلطات السعودية بما يلي:
•    تقديم توضيحات عاجلة وشفافة حول الأسباب التي دفعت السلطات إلى منع المقررة الخاصة للأمم المتحدة من مقابلة الشيخ سفر الحوالي والداعية سلمان العودة.
•    السماح الفوري وغير المشروط للمقررة الخاصة للأمم المتحدة أو أي جهة دولية مستقلة بزيارة المعتقلين السياسيين كبار السن، وفي مقدمتهم الأشخاص الـ 13 المذكورون في هذا البيان، بهدف تقييم أوضاعهم الصحية وظروف احتجازهم عن كثب.
•    ضمان توفير الرعاية الصحية الكاملة والملائمة لكبار السن بما يتوافق مع احتياجاتهم الصحية، مع التأكيد على توفير بيئة احتجاز تراعي معايير حقوق الإنسان.
•    مراجعة ملفات قضايا كبار السن المعتقلين بسبب آرائهم وانتماءاتهم، والتأكد من التزام الإجراءات القانونية بالمعايير الدولية للمحاكمة العادلة، والنظر بجدية في إمكانية الإفراج عنهم، نظرًا لتقدمهم في السن وتدهور حالتهم الصحية.
•    تعزيز التعاون مع آليات الأمم المتحدة لحقوق الإنسان وضمان وصول الجهات المستقلة إلى جميع الأفراد والمعلومات اللازمة، بما يمكنها من أداء مهامها بفعالية ويعزز مبادئ الشفافية والمساءلة.

 

Author’s Posts

مقالات ذات صلة

Image