البيانات الصحفية

مصر: حكاية علي تهامي نموذجاً لمعاناة المعتقلين والمختفين قسرًا

مصر: حكاية علي تهامي نموذجاً لمعاناة المعتقلين والمختفين قسرًا

قالت منظمة «صحفيات بلا قيود» إن استمرار الانتهاكات المتعلقة بالحقوق الأساسية في مصر يثير القلق البالغ، ودعت السلطات المصرية إلى اتخاذ إجراءات فورية وفعّالة لمعالجة ملفات المعتقلين والمخفيين قسريًا، وتحسين أوضاع حقوق الإنسان في البلاد.

وبحسب تقارير حقوقية، ما تزال الأجهزة الأمنية تخفي عشرات النشطاء والمواطنين والمتظاهرين، فضلًا عن اعتقال المئات، تجاوزت فترات احتجاز بعضهم بين عام إلى عشرة أعوام دون تمكنهم من الحصول على حق المحاكمة العادلة تتحقق فيها النزاهة في جميع إجراءات التقاضي. 
وأشارت صحفيات بلا قيود، بأن حالة المواطن علي تهامي، تكشف عن انتهاكات غير مقبولة، يتعرض لها المعتقلون. فبالإضافة إلى حرمانهم من الحقوق الأساسية، ومنها حق الرأي والتعبير والمشاركة السياسية، يحرمون من حقوق أخرى تتسبب لهم بالأذى البدني والمعنوي.  
في 5 كانون الأول/ديسمبر الجاري، ظهر المواطن علي فتحي تهامي أمام نيابة أمن الدولة العليا بعد خمس سنوات من الاختفاء التام منذ اعتقاله عام 2020، دون أي معلومات عن مكانه أو ظروف احتجازه. ورغم ذلك، قررت النيابة حبسه 15 يومًا على ذمة التحقيق. واعتبر فريق الدفاع أن احتجازه خمسة أعوام دون عرضه على أي جهة قضائية يمثل «انتهاكًا صارخًا للدستور والقانون» والمعايير الدولية، وطالبوا بإثبات ما تعرض له من تعذيب بدني ونفسي، إذ ظهرت دلائل واضحة على وضعه السيء، ما يستدعي عرضه على الأطباء.
وأوضحت المنظمة أن السلطات المصرية تستمر في محاكمة عدد من المعتقلين بتهم تتعلق بـ«الترويج لارتكاب جرائم إرهابية» استنادًا إلى منشورات أو ملصقات سياسية، من بينها شعارات ثورة 25 يناير.
وأضافت صحفيات بلا قيود، أنه مع اقتراب الذكرى الرابعة عشرة للثورة، فإن على السلطات أن تُظهر التزامًا حقيقيًا بحقوق الإنسان، وأن تتخذ من رمزية 25 يناير فرصة لإغلاق ملف المعتقلين على خلفية مواقفهم السياسية وسرعة إطلاق سراحهم.

أمن الدولة
في 2 ديسمبر الجاري، أحالت نيابة أمن الدولة العليا، في العاصمة المصرية القاهرة، 11 متهمًا، بينهم الصحفي ياسر أبو العلا وزوجته نجلاء فتحي، إلى محكمة جنايات الإرهاب مع قرار باستمرار حبسهما احتياطيًا.
وكانت قوات الأمن قد اعتقلت الصحفي أبو العلا في 10 مارس 2024 وأخفته لمدة 50 يومًا قبل ظهوره أمام النيابة. وفي أواخر أبريل، اعتُقلت زوجته نجلاء فتحي وشقيقتها وأخفتهما السلطات قرابة نصف شهر قبل ظهورهما أمام النيابة، بالطريقة ذاتها في 11 مايو 2024.
وبحسب تقارير إعلامية وحقوقية، أصدرت محكمة جنايات الإرهاب في 10 نوفمبر 2024 حكمًا بالسجن المؤبد على أبو العلا، رغم أنه كان محتجزًا بالفعل حين صدر الحكم غيابيًا، ما أثار جدلًا واسعًا حول سلامة الإجراءات وضمانات الدفاع.
وتعتقد المنظمة أن إحالة الصحفي أبو العلا مجددًا إلى المحكمة ذاتها يأتي امتدادًا لهذا التضارب في التقاضي الذي يضع العدالة على المحك. وتشير صحفيات بلا قيود إلى أن العديد من المعتقلين مثل الصحفي أبو العلا، يواجهون تهماً ً من قبيل: "الانضمام إلى جماعة أُسست على خلاف القانون" و"ارتكاب جريمة من جرائم التمويل" "الإساءة للنظام"، "الانخراط في أعمال تعرض أمن البلاد للخطر"، وغيرها من التهم التي بموجبها يُحاكمون وفقاً لقانون مكافحة الإرهاب.
والمثير في الأمر، أن السلطات تعتمد في معظم هذه القضايا على التحريات الأمنية، دون أدلة مادية أو شهود.
وأوضحت المنظمة، بأن ما يثير القلق أكثر، في قضايا المعتقلين والمخفيين المصريين، هو تأكيدات عدد من المحامين أنهم لم يُمنحوا أي فرصة للاطلاع على أوراق القضايا أو قوائم الاتهام منذ بدء التحقيقات، ما يشكل انتهاكًا صارخًا لحق الدفاع المنصوص عليه في المادة 14 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والمادة 54 من الدستور المصري نفسه، التي تشترط إبلاغ المتهم بأسباب احتجازه وسرعة تمكينه من الدفاع عن نفسه.

قوائم سياسية بلا معايير
في سياق المحاكمات ذات الطابع السياسي، أدرجت محكمة جنايات القاهرة 108 مواطنين على قوائم الإرهاب، بينهم الناشط أنس حبيب المقيم في هولندا، الذي يشارك في حملات مناهضة للنظام المصري وتدعو لإغلاق السفارات المصرية.
ولم تعلن المحكمة موعد محاكمة المتهمين.
في إجراءات أخرى، نشرت جريدة «الوقائع المصرية» الرسمية قرارًا بمدّ إدراج 27 معتقلًا على قوائم الإرهاب لمدة خمس سنوات إضافية، بينهم المرشح الرئاسي الأسبق، عبدالمنعم أبو الفتوح رئيس حزب مصر القوية، وأحمد خيرت الشاطر نجل القيادي في جماعة الإخوان المسلمين.
كما مددت المحكمة إدراج جماعة الإخوان كاملة على قوائم الكيانات الإرهابية، بما يترتب على ذلك من آثار تشمل تجميد الأموال والمنع من السفر ومنع التعامل المالي، إضافة إلى القيود على الأنشطة العامة والسياسية.
ولفتت صحفيات بلا قيود، بأن إدراج شخصيات جديدة على هذا النحو، ومد فترات سجن إضافية للمعتقلين السابقين، يثير التساؤلات القانونية حول المعايير التي بموجبها، تحدد السلطات المصرية، قوائم الإرهاب وتدرج الأشخاص والكيانات فيها، وتجديد الأحكام بحقهم.
وهنا تأتي قضايا مشجعي النادي الأهلي الذين تحتجزهم السلطات المصرية أيضاً. يصل عدد المشجعين المحتجزين إلى 27 مشجعاً، بعضهم ما يزال محتجزاً منذ عام 2018، على خلفية قضايا مرتبطة بنشاطهم في التشجيع الرياضي، وفق مناشدة وجهها أهاليهم إلى المعنيين، الأسبوع الماضي، مطالبين بإعادة النظر في أوضاع أبنائهم، وأكدوا أن استمرار احتجازهم يفاقم معاناة أسرهم.
ومايزال المشجعون، محبوسين احتياطياً على ذمة قضايا «حصر أمن الدولة العاليا»، ووفق مناشدة الأهالي، فإن الزج بأبنائهم في قضايا لا علاقة لها بالتشجيع الرياضي، يعد "نوعاً من تحميلهم وزراً لم يرتكبوه، مضيفين بأنه كان يجب إنهاء قضيتهم بما يحفظ سيادة القانون.

تهم فضفاضة
كانت منظمة «صحفيات بلا قيود» قد أصدرت في يونيو/حزيران 2025 تقريرًا موسّعًا بعنوان «سجون بلا مفاتيح: كيف تقتل الزنزانة العمر والأمل في مصر»، كشفت فيه واقعًا بالغ القسوة يعيشه عشرات الآلاف من المعتقلين السياسيين منذ صيف 2013.
وذكر التقرير أن ما لا يقل عن 1160 محتجزًا قضوا داخل السجون خلال السنوات العشر الماضية، 74% منهم بسبب الإهمال الطبي، بينما لا يزال أكثر من 60 ألف معتقل سياسي خلف القضبان، بينهم نساء وأطفال وصحفيون ومدافعون عن حقوق الإنسان، كثير منهم دون محاكمة، أو بناء على تهم فضفاضة في بيئة قانونية تُستخدم كأداة قمع.
وتؤكد المنظمة أن هذه الانتهاكات، تبدو جزءًا من حملة قمع ممنهجة تُستخدم فيها قوانين مثل قانون مكافحة الإرهاب وقانون تنظيم العمل الأهلي رقم 149 لسنة 2019 لتبرير الاعتقال وتقييد الحريات.
وتدعو «صحفيات بلا قيود» إلى الإفراج الفوري عن جميع المحتجزين تعسفيًا، خصوصًا النساء وكبار السن ومن سبق تبرئتهم، ووقف سياسة «التدوير القضائي» ومحاسبة المسؤولين عنها من الأجهزة الأمنية والقضائية، وتمكين المحامين من الاطلاع الكامل على ملفات القضايا وحضور التحقيقات، وتشكيل لجنة مستقلة لتقصي الحقائق بشأن انتهاكات المحاكمات السياسية وسوء استخدام قانون الإرهاب.

 

Author’s Posts

Image