الأخبار

الجزائر: حكم جائر بالسجن 15 عامًا ضد النقابي علي معمري يكرّس تسييس القضاء

الجزائر: حكم جائر بالسجن 15 عامًا ضد النقابي علي معمري يكرّس تسييس القضاء

قالت منظمة "صحفيات بلا قيود" إن الحكم الصادر عن محكمة الجنايات الابتدائية في ولاية أم البواقي الجزائرية بسجن النقابي والمدافع عن حقوق الإنسان علي معمري لمدة خمسة عشر عامًا،

يشكّل سابقة خطيرة وانتهاكا صارخا لحرية التنظيم النقابي والتعبير، ويعكس اتجاهًا مقلقا نحو تسييس القضاء واستخدام قوانين الإرهاب لقمع الأصوات المستقلة، في مخالفة واضحة للدستور الجزائري والالتزامات الدولية التي تعهدت بها الجزائر في مجال حقوق الإنسان.
وأضافت المنظمة أن إدانة معمري لم تستند إلى أفعال مجرّمة قانونا، بل إلى نشاطه النقابي ومواقفه العلنية الداعية لاحترام حقوق العمال واستقلال النقابات، وإلى تواصله المشروع مع منظمات ونقابيين في الخارج، وهي أنشطة تدخل في صميم حرية التعبير والعمل النقابي التي يكفلها العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية واتفاقيات منظمة العمل الدولية، ولا يمكن اعتبارها بأي حال أفعالا إرهابية أو تهديدا للأمن العام.
وأوضحت المنظمة أن الحكم يتعارض بوضوح مع المادتين 34 و 36 من الدستور الجزائري اللتين تنصان على أن الدولة تضمن حماية حقوق الإنسان والمواطن، وأن حرية إنشاء الجمعيات والنقابات مضمونة وتمارس في إطار القانون. كما يخالف الحكم المادة 22 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية التي تكفل الحق في حرية تكوين الجمعيات بما في ذلك النقابات، ولا تجيز تقييد هذا الحق إلا في حالات محددة وضرورية، فضلًا عن اتفاقيتي منظمة العمل الدولية رقم 87 و98 المتعلقتين بحرية التنظيم والمفاوضة الجماعية.
وقالت المنظمة إن السلطات القضائية تجاهلت بشكل مقلق مزاعم تعرض معمري للتعذيب وسوء المعاملة أثناء احتجازه، في انتهاك واضح لـاتفاقية مناهضة التعذيب لعام 1984، ولا سيما المادتين 12 و15 اللتين توجبان على الدولة التحقيق الفوري والنزيه في أي ادعاءات بالتعذيب، وعدم الاعتداد بأي اعتراف يُنتزع بالإكراه. وأضافت أن تجاهل هذه المزاعم يشكل أيضًا خرقا لـالمادتين 7 و14 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية اللتين تحظران التعذيب وتضمنان الحق في محاكمة عادلة أمام قضاء مستقل ونزيه.
واعتبرت "صحفيات بلا قيود" أن استخدام قوانين الإرهاب بصيغ فضفاضة وغير محددة ضد النقابيين والمدافعين عن الحقوق يتعارض مع مبدأ الشرعية الجنائية المنصوص عليه في القانون الدولي لحقوق الإنسان، والذي يقتضي أن تكون الجرائم والعقوبات محددة بدقة، وأن لا يُجرّم أي فعل إلا بموجب نص قانوني واضح. وأكدت أن هذه الممارسات تعكس تراجعًا خطيرًا في استقلال القضاء وتوسيعًا مقلقًا لصلاحيات الأجهزة الأمنية على حساب الحقوق والحريات الأساسية.
وأشارت المنظمة إلى أن استمرار السلطات الجزائرية في إصدار مثل هذه الأحكام يضعها في موضع المساءلة الدولية أمام لجنة حقوق الإنسان ولجنة مناهضة التعذيب ومنظمة العمل الدولية، كما يفتح الباب أمام تدخل المقررين الخاصين للأمم المتحدة المعنيين بحرية التجمع السلمي وتكوين الجمعيات، وتعزيز وحماية حقوق الإنسان أثناء مكافحة الإرهاب، لضمان احترام الجزائر لالتزاماتها الدولية ومنع الإفلات من العقاب في الانتهاكات الحقوقية.
ودعت المنظمة السلطات الجزائرية إلى الإفراج الفوري وغير المشروط عن علي معمري، وإلغاء الحكم الجائر بحقه، وفتح تحقيق مستقل وشفاف في مزاعم التعذيب وسوء المعاملة، ووقف استخدام قوانين الإرهاب لتقييد العمل النقابي والحقوقي السلمي، وضمان استقلال القضاء وحرية التنظيم النقابي بما يتسق مع الدستور والاتفاقيات الدولية التي التزمت بها الدولة.
وختمت "صحفيات بلا قيود" بيانها بالتأكيد على أن حماية النقابيين والمدافعين عن الحقوق ليست التزامًا أخلاقيًا فحسب، بل واجب قانوني على الدولة الجزائرية لضمان بيئة آمنة تُصان فيها الكرامة الإنسانية وتُحترم فيها الحريات الأساسية دون خوف أو انتقام.

Author’s Posts

Image