
تطالب منظمة "صحفيات بلا قيود" مجلس وزراء الداخلية العرب بالتوقف العاجل عن تسليم المعارضين السياسيين الذين يتنقلون بين الدول العربية، وإنهاء استخدام هذه الإجراءات كوسيلة للضغط النفسي على المعبرين عن آرائهم، مما يحرمهم من الأمان في أي دولة عربية أثناء وجودهم في المنفى.
ففي 16 فبراير 2025، عقد المجلس مؤتمره السنوي الـ42، وأكد بيانه الختامي على "تعزيز العمل الأمني العربي المشترك لضمان الأمن والاستقرار للشعوب العربية". يعمل المجلس، الملقب أحيانًا بـ"الإنتربول العربي"، تحت مظلة جامعة الدول العربية لتعزيز التعاون الأمني ومكافحة الجريمة. لكن "صحفيات بلا قيود" أشارت إلى أن انعقاد المجلس تزامن مع استمرار الانتهاكات عبر الحدود، بما في ذلك تسليم معارضين سياسيين، في خرق واضح للقانون الدولي الإنساني الذي يُفترض التزام المجلس به.
وتجاهل المجلس مطالب منظمات المجتمع المدني، بما فيها توصيات الأمم المتحدة، بتوضيح آلية عمل "النشرات الحمراء" التي تستهدف الناشطين السياسيين والحقوقيين، وتقديم ضمانات لوقف استهداف العمل السلمي واستخدام الآليات الرسمية لدعم الأنظمة الاستبدادية وإسكات الأصوات الحرة.
يعتمد عمل المجلس على مبدأ ملاحقة الأفراد خارج بلدانهم، مما يتيح للسلطات طلب تعميم داخلي لتحديد أماكنهم عبر الموانئ والمعابر الرئيسية. ورغم أن الهدف المعلن هو ملاحقة المجرمين، فإن هذه الآليات تُستخدم فعليًا لاستهداف المعارضين والناشطين، بمن فيهم من حصلوا على لجوء في الغرب أو حوكموا غيابيًا بتهم تتعلق بحريات التعبير والتجمع.
تُحظر عمليات التسليم في الجرائم ذات الطابع السياسي بموجب اتفاقيات التعاون القضائي العربي والإسلامي، واتفاقية مكافحة الإرهاب العربية، ومعظم الأطر القانونية لجامعة الدول العربية، لكن وزراء الداخلية يتجاوزون هذه الالتزامات دون رقابة فعالة. كما تتعارض هذه الممارسات مع المادة 3 من اتفاقية مناهضة التعذيب، التي تمنع تسليم أي شخص إلى دولة يُحتمل تعرضه فيها للتعذيب، وهي قاعدة تؤكدها الفقرة الأولى: "لا يجوز لأية دولة طرف أن تطرد أو تعيد أو تسلم شخصًا إلى دولة أخرى إذا كانت هناك أسباب جدية للاعتقاد بأنه معرض للتعذيب".
وأثار المكلفون بالإجراءات الخاصة في الأمم المتحدة قلقهم من أن "النشرات الحمراء" تنتهك مبادئ القانون الدولي، مثل مبدأ عدم الإعادة القسرية، العناية الواجبة، المحاكمة العادلة، وحرية الرأي والتعبير، مشيرين إلى ضرورة تقييم المخاطر الفردية لضمان عدم تعرض المطلوبين لانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان
رصدت منظمة صحفيات بلا قيود تزايد الملاحقة العابرة للحدود، واستخدام التنسيق الأمني تحت مظلة الجامعة العربية لملاحقة المعارضين السياسيين والمدونين على شبكات التواصل الاجتماعي، خلال العام الماضي و50 يوماً الأولى من العام الحالي.
بين عامي 2022 و2025، وثقت صحفيات بلا قيود عمليات تسليم غير قانونية متعددة على النحو التالي:
في نوفمبر/تشرين الثاني 2022، جرى اعتقال شريف عثمان من دبي خلال زيارة عائلية، وشريف هو معلق سياسي أمريكي مصري نشر مقطع فيديو على قناته على يوتيوب دعا فيه إلى احتجاج سلمي خلال زيارة الرئيس الأمريكي لمصر لحضور مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغيّر المناخ في دورته السابعة والعشرين. أعتقل عثمان على الأرجح بسبب هذا الفيديو. ونتيجة لذلك، واجه خطر الترحيل إلى مصر، حيث سيكون هنالك خطر التعرض للتعذيب. وبعد مناشدات دولية، ونظرًا لوضعه كمواطن أمريكي، تمكن في نهاية المطاف من العودة إلى الولايات المتحدة بعد شهرين تقريبًا من الاحتجاز.
في 14 يناير/كانون الثاني 2023 بعد خمسة أشهر من الإقامة في المغرب، أعتقل حسن آل ربيع المعارض السعودي المقيم في المنفى في مطار مراكش. بعد جلسة الاستماع الأولى والوحيدة في 1 فبراير/شباط 2023، حكمت محكمة النقض بالرباط لصالح تسليم السيد آل ربيع إلى المملكة العربية السعودية، حيث يواجه خطر التعرض للتعذيب، على أساس الاتفاقية العربية لمكافحة الإرهاب، وتحديداً المادتين 5 و 23 من الاتفاقية. وقد تم تسليمه فعلاً في 6 فبراير/شباط.
في 7 مايو/آيار 2023، أٌعتقل المعارض الإماراتي خلف الرميثي في مطار عمان بالأردن أثناء سفره في زيارة قصيرة، بناءً على طلب أبوظبي. وفي نفس اليوم، مثل أمام قاض، وحددت جلسة في 21 مايو/أيار 2023، وأفرج عنه بكفالة. ومع ذلك، في اليوم التالي في 8 مايو/أيار 2023، تم اعتقاله في مقهى في عمان من قبل أربعة عناصر يعتقد أنهم من دائرة المخابرات العامة الأردنية. أخبروا الرميثي أن قرار الإفراج قد أُلغي. وتم تسليمه لاحقاً لجهاز المخابرات الإماراتي ونقل إلى أبوظبي حيث يواجه التعذيب.
في 6 أغسطس/آب 2023 سلمت البحرين المواطن التركي من أصل مصري السيد محمد محمود العاجز، والمواطن المصري محمد العراقي سعد حسانين إلى السلطات في القاهرة. ووقت التسليم يبلغ العاجز 59 عاماً، وهو رجل أعمال، وأب لثمانية أبناء، ومقيم في مملكة البحرين بصفة رسمية قانونية منذ 8 سنوات، ومحكوم عليه غيابياً في قضايا سياسية في مصر. أمّا حسانين، 45 عاماً، فهو مهندس كمبيوتر، وأب لثلاثة أبناء، ومقيم في مملكة البحرين بصفة قانونية منذ 8 سنوات، ومحكوم عليه بالسجن المؤبد غيابياً في القضية المعروفة إعلامياً بفض اعتصام رابعة.
نوفمبر/تشرين الثاني 2024، احتجزت السعودية المواطن المصري "أحمد كامل"، حيث كان يعيش منذ عقد من الزمان، بناء على مذكرة قدمتها السلطات المصرية لتسليمه معتمدة على تهم زائفة وحكم سياسي صدر قبل سبع سنوات عام 2017 بالسجن 25 عاماً صدر بحقه من محكمة مصرية بسبب مشاركته في الاحتجاجات السلمية بين 2011-2013. ويواجه الآن خطر الترحيل إلى بلاده المتهمة على نطاق واسع بالسجن والتعذيب للمعتقلين.
الشاعر التركي المصري عبد الرحمن القرضاوي، الذي تم تسليمه من لبنان إلى الإمارات العربية المتحدة في يناير/كانون الثاني 2025. كان القرضاوي صوتًا بارزًا من أصوات الربيع العربي، وقد استُهدف القرضاوي بمذكرة توقيف صادرة عن مجلس وزراء الداخلية العربي انتقامًا منه لنشره مقطع فيديو ينتقد فيه السلطات المصرية والإماراتية بشكل خاص خلال رحلة إلى دمشق. ومنذ تسليمه إلى أبوظبي بشكل غير قانوني، لا يزال مصيره ومكان وجوده مجهولاً. وأعلنت منظمة “صحفيات بلا قيود” عن تقديمها شكوى عاجلة إلى الإجراءات الخاصة للأمم المتحدة، تطالب فيها بالتدخل الفوري بشأن قضية القرضاوي.
الناشط والناقد الحكومي الكويتي سلمان الخالدي، الذي تم تسليمه هو الآخر في يناير/كانون الثاني 2025 من العراق إلى الكويت بناءً على مذكرة توقيف صادرة عن مجلس وزراء الداخلية العرب. وكان بلده الأصلي قد حكم على الخالدي بالسجن لفترات طويلة وجرده من جنسيته انتقامًا منه بسبب منشوراته الناقدة على وسائل التواصل الاجتماعي ومشاركته في احتجاجات سلمية خارج البلاد.