البيانات الصحفية

الأردن: السلطات تقمع المتضامنين مع غزة

الأردن: السلطات تقمع المتضامنين مع غزة

تتابع منظمة "صحفيات بلا قيود" ببالغ القلق حملة القمع التي تنفذها الأجهزة الأمنية الأردنية ضد ناشطين وناشطات يمارسون حقهم المشروع في التعبير والتجمع السلمي تضامناً مع الشعب الفلسطيني، وذلك في ظل تصاعد جرائم الإبادة الجماعية التي ترتكبها قوات الاحتلال الإسرائيلي في غزة منذ أكتوبر 2023.

وأوضحت صحفيات بلا قيود، بأن السلطات الأردنية، منعت، الجمعة الماضية 11 إبريل 2025، وقفات احتجاجية سلمية، منها وقفة أمام السفارة الأمريكية في عمّان، كما أغلقت أجهزة الأمن الطرق المؤدية إلى الأغوار لمنع مسيرات تضامنية مع غزة، واعتقلت عشرات الناشطين.ويواجه المعتقلون الأردنيون تهماً بموجب قانون الجرائم الإلكترونية الجديد، (الصادرة في أغسطس 2023) الذي يتضمن مواد فضفاضة لقمع الرأي، حيث تُوجّه تهم مثل "إثارة الفتنة" لمجرد نشر منشورات تضامنية على مواقع التواصل الاجتماعي أو دعوات لإضراب سلمي، مع تهديد المعتقلين بعقوبات قاسية تصل إلى السجن ستة أشهر وغرامات تصل إلى 50 ألف دينار/ قرابة 70 ألف دولار.

وقالت صحفيات بلا قيود، بأن السطات في الأردن تستغل القانون الجديد لتقويض حرية الرأي، واضطهاد المواطنين المشاركين في تنظيم الوقفات السلمي، حيث يعمل ضباط المخابرات على استجواب الناشطين، حول أنشطتهم في وسائل التواصل الاجتماعي، وتهديدهم بالسجن ودفع غرامات عالية، مالم يوقع المعتقل بالتعهد على عدم التظاهر أو مشاركة أي محتوى يتعلق بالاحتجاج مستقبلاً.
وأوضحت صحفيات بلا قيود بأن استغلال الأزمة الفلسطينية لقمع الحريات تحت مبررات أمنية يخالف المادة 9 من العهد الدولي للحقوق المدنية والأساسية، التي تحظر الاعتقال التعسفي. كما أن المداهمات الليلية والاحتجاز دون محاكمة لمتظاهرين سلميين يدعمون غزة، يمثل انتهاكاً خطيراً للقانون الدولي.

نماذج صارخة

في 2 إبريل، اعتُقل، المهندس محمد جمال حوامدة، ناشط في حزب جبهة العمل الإسلامي، أثناء زيارته للمعتقلين. بعد خمسة أيام، في 8 إبريل، قضت محكمة أردنية، على حوامدة، من أول جلسة، بالسجن لمدة عام، بتهمتين، إحدى هذه التهم وهي التي تم الحكم فيها بالسجن: استخدام منصات التواصل الاجتماعي لإثارة الفتنة والتأثير على السلم المجتمعي، أما التهمة الثانية، فهي ذم وقدح السلطات، وقد حكمت فيها المحكمة ببراءة المتهم، منها.

في 7 أبريل، أوقف المدعي العام في عَمّان، عدة أشخاص لمدة أسبوع لنشرهم دعوات إضراب تضامنية مع غزة، وفق ما نشره المحامي الأردني بهاء العتلة.

الخميس 10 إبريل، أوقف المدعي العام، فتاة شاركت في الاحتجاجات أمام سفارة الاحتلال الإسرائيلي، بتهمة التجمهر غير المشروع وبث الفرقة، وتهمة جنحة ذم هيئة رسمية وجنحة تحقير رجال الأمن العام أثناء الوظيفة الرسمية" وإثر ذلك أوقفها المدعي لمدة أسبوع في مركز إصلاح وتأهيل الجويدة- النساء. 

خلفية مقلقة

بين 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 و27 مارس 2024، اعتقلت السلطات الأردنية ما لا يقل عن 1500 شخص، من بينهم قرابة 500 محتجز تم اعتقالهم أعقاب احتجاجات أمام السفارة الإسرائيلية في عمان.
لم تتوقف الاعتقالات منذ ذلك الوقت. في فبراير الفائت، كشف النائب البرلماني صالح العرموطي عن اعتقال 27 شاباً، بسبب مواقفهم المناصرة لقطاع غزة وقال خلال جلسة لمجلس النواب، إن استمرار الاعتقالات بعد منتصف الليل مقلقة ومزعجة، كما بين بأن بعض المعتقلين أمضوا أكثر من 70 يوماً دون إحالتهم إلى الجهات المختصة.
في مارس تحدثت الإعلامية دعاء جبر، والدة المعتقل عبدالعزيز هارون، وقالت إن اعتقال ابنها تم بطريقة مهينة من مكان عمله، في 18 ديسمبر/كانون الماضي، حيث كُبلت يداه وعصبت عيناه، وأُخذ إلى منزله لتفتيشه بالكامل وهو في هذه الحالة"، وأضافت، أن الأجهزة الأمنية فتشت جميع غرف المنزل، بما فيها غرف النوم والأجهزة الإلكترونية الخاصة بها.
في 17 مارس الماضي، " قضت محكمة أمن الدولة الأردنية، بسجن الشاب محمد الطويل لمدة 4 سنوات، على خلفية اتهامه بنشر تسجيل لوصية عامر قواس وحسام أبو غزالة، بعد تنفيذهم عملية البحر الميت ضد جنود الاحتلال.
أمضى الطويل، فترة اعتقال لمدة خمسة أشهر لدى المخابرات العامة وجهت إليه تهمة القيام بأعمال من شأنها أن تعرض المملكة الأردنية لخطر أعمال عدائية. رصدت صحفيات بلا قيود، منشوراً لشقيقه عدلي ناصر الطويل، عقب صدور حكم محكمة أمن، كتب عدلي:
«بأي ذنب؟ محمد ابن الـ ٢٣ ربيعًا، يُجرّم ويعاقب ويُحرم من أهله وأصحابه وعمله وحياته وأحلامه.. اُصِبنا بالضغط وذقنا المر، ولم نجد من يسمع كلمة أمي المكلومة، ولا قهر أبي المُتعَب، ولا حول ولا قوة إلا بالله».

 في أواخر مارس المنصرم أيضاً، قضت محكمة أردنية بسجن الناشطة الأردنية عبير الجمال لمدة ستة أشهر، إلى جانب فرض غرامة مالية قدرها 3 آلاف دينار، بسبب تلقيها ـ أثناء تواجدها في غزة ـ تبرعات استخدمت في توفير احتياجات أساسية مثل الأدوية وحليب الأطفال.

ونوهت صحفيات بلا قيود إلى أن استمرار هذه الانتهاكات يُضعف الموقف الأردني الرسمي الداعم لفلسطين، ويفتح الباب أمام تآكل الثقة بين السطات والمواطنين، وأشارت إلى أن هذه الإجراءات تشكل انتهاكاً صارخاً لحقوق الإنسانية بما فيها الحق في محاكمة عادلة، كما تناقض صراحة المادة 19 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان التي تكفل حرية الرأي والتعبير. وتُعد محاكمات الناشطين على خلفية آرائهم السلمية تقويضاً صارخاً للحقوق الدستورية المنصوص عليها في المادة 15 من الدستور الأردني، والمواثيق الدولية التي صادق عليها الأردن، خاصة العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية (المادتان 14 و19).

تدعو "صحفيات بلا قيود" إلى:
ـ الإفراج الفوري عن كل المعتقلين بسبب آرائهم، ووقف الملاحقة القضائية للمحتجين السلميين.
ـ احترام الحق الدستوري في التعبير والتجمع السلمي، وتوقيف قانون الجرائم الالكترونية الجديد ومراجعته.
ـ الضغط لوقف هذه الممارسات، والتذكير، دائماً، بأن الأمن الحقيقي يتحقق باحترام حقوق الإنسان، لا بقمعها.

 

Author’s Posts

مقالات ذات صلة

Image