الأخبار

«ترامب» يكافئ المطلوبين للعدالة الدولية بمقترح تهجير سكان غزة

«ترامب» يكافئ المطلوبين للعدالة الدولية بمقترح تهجير سكان غزة

أدانت منظمة صحفيات بلا قيود، التصريحات التي أطلقها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الأربعاء، والتي جدد فيها نيته تهجير كل السكان الفلسطينيين من أراضيهم المدمرة في قطاع غزة، في موقف يعمل على تحقيق أهداف القادة الإسرائيليين المسؤولين عن أعمال الإبادة الجماعية التي تعرضت لها غزة على مدى 15 شهراً.

 وقالت صحفيات بلا قيود إنه في الوقت الذي ينتظر فيه العالم الإنساني تعويض الفلسطينيين عما لحق بهم من أضرار، وإعادة إعمار قطاع غزة، وتقديم المتورطين بارتكاب جرائم الإبادة الجماعية إلى هيئات العدالة التي تمثل العالم؛ ظهر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ـ المطلوب للمحكمة الجنائية الدوليةـ إلى جوار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، في مشهد مُخزِ، لم يكتف فيه ترامب بازدراء العدالة الدولية، بل وأطلق تصريحات تشجع على انتهاك القانون الدولي، حين جدد دعوته إلى تهجير أكثر من 2.2 مليوني إنسان من قطاع غزة.


وظهر ترامب بمؤتمر صحفي رفقة نتنياهو، داخل القاعة الشرقية في البيت الأبيض، ووصف الرئيس الأمريكي قطاع غزة بأنه ورشة هدم لا يصلح للسكن، نتيجة الخراب الهائل الذي تسببت به هجمات جيش الاحتلال، وإزاء ذلك يطرح ترامب مشروع تهجير كل سكان قطاع غزة، إلى الأردن ومصر، مشيراً بأن الولايات المتحدة الامريكية ستتولى السيطرة على قطاع غزة وتحويله إلى «ريفييرا» الشرق الأوسط.


وينتهك هذا المقترح، القانون الدولي الذي يحظر النقل الجبري الجماعي أو الفردي للأشخاص المحميين أو نفيهم من الأراضي المحتلة إلى أراضي دولة الاحتلال أو إلى أراضي أي دولة أخرى، محتلة أو غير محتلة، أياً كانت دواعيه، كما تنص المادة (49) من اتفاقية جنيف الرابعة بشأن حماية الأشخاص المدنيين في وقت الحرب المؤرخة في 12آب/أغسطس 1949.


ولاقت تصريحات ترامب، ردود أفعال وإدانات واسعة من قبل العديد من الدول والمنظمات الأممية والحقوقية، التي حملت إسرائيل مسؤولية ارتكابها أعمال إبادةٍ جماعية وانتهاكات أسفرت عن مقتل ما يزيد عن 47 ألف فلسطيني أغلبهم من النساء والأطفال، وتدمير نحو 90% من البنية التحتية لقطاع غزة. وطلبت منظمة العفو الدولية من أمريكا اعتقال نتنياهو بموجب أوامر المحكمة الجنائية الدولية على خلفية تهم ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.


التماهي مع المتطرفين

ورصدت صحفيات بلا قيود، تكرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب، تصريحاته التي تظهر نيته ترحيل سكان قطاع غزة، مرتين على الأقل في يناير الماضي. واقترح في 26 يناير ترحيل السكان إلى مصر والأردن، ووصف قطاع غزة بأنه «أشبه بموقع دمار، حيث كل شيء تقريباً مدمر، والناس يموتون هناك». وأشار بأن الترحيل يمكن أن يكون لفترة قصيرة أو طويلة الأمد.


وفي 28 يناير، جدد ترامب دعوته، للرئيس المصري والملك الأردني لاستقبال سكان قطاع غزة، كخدمة للولايات المتحدة الأمريكية مقابل الدعم الذي قدمته واشنطن للدولتين العربيتين.


ورغم الموقف الرسمي لكل من مصر والأردن، والذي يرفض رفضاً قاطعاً مقترحات ترامب الساعية إلى تهجير السكان الفلسطينيين، إلا أن الرئيس الأمريكي كرر في مناسبتين على الأقل، في فبراير الجاري، قوله بأن مصر والأردن ستفعلان ذلك.


وقد أثارت تصريحات واشنطن، نشوة المتطرفين الإسرائيليين، إذ أكد بتسلئيل سموترتش وزير المالية المتطرف في حكومة نتيناهو، أنه سيعمل مع رئيس الوزراء الاسرائيلي لوضع خطة تنفيذية لتطهير الأراضي الفلسطينية من السكان، بينما أيد وزير الأمن القومي المستقيل، والمتطرف إيتمار بن غفير، مقترح ترامب ووصفه بالصديق.


وقالت صحفيات بلا قيود، بأن تماهي موقف واشنطن مع المتطرفين وتبني أهداف المتورطين بارتكاب الجرائم الفظيعة، ينسف مصداقية واشنطن أمام الرأي العام العالمي، الذي يكتشف ازدواجية المعايير في التعامل مع أعمال الإبادة التي تشهدها الأراضي الفلسطينية وانتهاكات حقوق الإنسان في بعض الدول الأخرى. وأضافت بأن تصريحات ترامب، تُظهر أنه من السهل على سلطة الاحتلال الإسرائيلي أن تنتهك القانون الدولي مادامت تتلقى الدعم من الإدارة الأمريكية، وذلك يطلق العنان للراغبين في ارتكاب الجرائم الدولية.

مقترح قديم غير قابل للتنفيذ
وكانت سلطات الاحتلال الإسرائيلي قد طرحت مشروع تهجير الفلسطينيين سنة 1955 بدعم من أمريكا وبريطانيا، لتوطين الفلسطينيين في سيناء، وقد قوبل المقترح بالرفض القاطع، وإثر ذلك حاول الاحتلال تهجير الفلسطينيين إلى الأردن، ما صعد من الصراع بين الفصائل الفلسطينية الرافضة للتهجير وبين النظام الأردني وانتهت بأحداث عنف في أيلول سنة 1970.

وفي كل هجماتها العسكرية وأعمال مصادرة الأراضي، خلال العقود الماضية، تعمل سلطات الاحتلال على تشريد وطرد الفلسطينيين من أراضيهم، لفرض ظروف معيشية تؤدي بهم إلى التهجير القسري. ولكن كل محاولات الاحتلال بالفشل باءت بالفشل، وأظهرت مشاهد عودة النازحين من جنوب غزة إلى شمالها المدمر، أن المقترح غير القانوني الذي يروج له ترامب، غير قابل للتنفيذ.


وقالت صحفيات بلا قيود، إن مشروع تهجير الفلسطينيين من أراضيهم، لن يحل السلام في المنطقة، وحذرت من تصاعد حدة العنف وتوسع رقعته في المنطقة، ضمن ردود الفعل الميدانية على مشروع التهجير.


وتصف المادة 147، من اتفاقية جنيف الرابعة التهجير القسري بأنه انتهاك جسيم وجريمة حرب، كما تجرم مواد النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية تهجير السكان، وتصفه بأنه جريمة ضد الإنسانية إذا تم على نحو منهجي وبشكل واسع، حسب المادتين 7 و 8.
وترفض قرارات الأمم المتحدة، من بينها القرار رقم 194 لسنة (1948) والقرار رقم242 لسنة (1967) ، الاستيلاء على الأراضي بالقوة، كما تدعو إلى ضمان حق العودة لللاجئين الفلسطينيين.


وطالبت صحفيات بلا قيود، ضمان محاسبة إسرائيل على الانتهاكات التي ترتكبها في فلسطين. وقالت بأن إنهاء الاحتلال وضمان عودة الفلسطينيين إلى أراضيهم وفق القرارات الدولية، هو أول خطوات إحلال السلام في المنطقة.


ودعت صحفيات بلا قيود من المجتمع الدولي والمنظمات الأممية إدانة أي أعمال أو تصريحات تسعى لنقل سكان غزة أو عدد منهم، إلى خارج القطاع. كما طالبت المنظمات الدولية والحقوقية بإرسال الخبراء والمحققين الدوليين للتحقيق في الجرائم والانتهاكات التي ارتكبها جيش الاحتلال على مدى 15 شهراً.
وقالت صحفيات بلا قيود بأن المجتمع الدولي، مطالب اليوم بتحمل المسؤولية التاريخية وضمان عدم إفلات المتورطين بالجرائم المحظورة في القانون الدولي، من العقاب، والعمل على تحقيق العدالة لمئات الآلاف من السكان الفلسطينيين، والبدء بإعادة إعمار قطاع غزة فوراً.

 

Author’s Posts

مقالات ذات صلة

Image