البيانات الصحفية

يجب على دول العالم إدانة سجل إيران الأسود في حقوق الإنسان

يجب على دول العالم إدانة سجل إيران الأسود في حقوق الإنسان

جنيف- طالبت منظمة صحفيات بلا قيود، يوم الجمعة 24 يناير/كانون الثاني، دول العالم بأن تدين علناً تدهور سجل إيران في مجال حقوق الإنسان، خلال جلسة استعراض سجل الجمهورية الإسلامية، التي ستعقد في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في جنيف.

ومن المقرر أن تعقد اليوم الجمعة جلسة الاستعراض الدوري الشامل لإيران في مجلس حقوق الإنسان، والتي تُقام كل أربع سنوات. هذه عملية فريدة تهدف لمراجعة ملف حقوق الإنسان والإجراءات التي تتخذها الحكومات لتحسين أوضاعهم والتغلب على التحديات التي تعيق التمتع بهذه الحقوق.

وتدعو منظمة "صحفيات بلا قيود" دول العالم التي تناقش سجل إيران في حقوق الإنسان إلى التنديد بالانتهاكات التي ارتكبها النظام الإيراني، خاصة الاعتقالات وأحكام الإعدام والتضييق على الحريات العامة والقوانين سيئة السمعة، خاصة بعد احتجاجات "المرأة، حرية، حياة" عام 2022، وتقديم توصيات ملموسة للسلطات الإيرانية لمعالجتها.

ومن المقرر أن يعتمد فريق عمل الاستعراض الدوري الشامل التوصيات المقدمة إلى جمهورية إيران الإسلامية يوم الأربعاء 29 يناير/كانون الثاني 2025.

وقالت توكل كرمان، رئيسة منظمة صحفيات بلا قيود والحائزة على جائزة نوبل للسلام: "منذ تقديم إيران لتقريرها الأخير في 2019، وسعت انتهاكات حقوق الإنسان واعتقلت الآلاف وأعدمت العشرات. إن الاستعراض الدوري الشامل فرصة لدول العالم لإرسال رسالة بالغة القوة للحكومة الإيرانية أن انتهاكاتها بحق الشعب الإيراني لن يتم التسامح معها."

وقبل أيام من بدء جلسة الاستعراض الدوري الشامل، اعتقلت قوات الأمن الإيرانية في أصفهان 10 نساء من أتباع الديانة البهائية في منازلهن. وكانت هؤلاء المواطنات البهائيات قد حُكم عليهن العام الماضي من قبل الدائرة 37 في محكمة الاستئناف بمحافظة أصفهان بالسجن لمدة خمس سنوات لكل منهن بتهمة "العمل ضد الشريعة"!.

وأضافت توكل كرمان: "استمرار حملة الاعتقالات والسجن حتى قبل أيام من جلسة مجلس حقوق الإنسان يُظهر ازدراء طهران لحقوق الإنسان، في ظل تجاهل المجتمع الدولي منذ عقود للسلوك العدواني والممنهج ضد حقوق الإنسان الأساسية."

وقالت: "على إيران وقف التدهور المروع لحقوق الإنسان، والإفراج غير المشروط عن جميع المعتقلين السياسيين، ومراجعة القوانين والأوامر التنفيذية التي تقوض حقوق الإنسان في البلاد."

 

نظرة على حقوق الإنسان في إيران

منذ الاستعراض الدوري الأخير لملف إيران في مجلس حقوق الإنسان، كثفت السلطات قمع حقوق الإنسان من خلال الترهيب، والاعتقالات، والمحاكمات، وأحكام السجن الكبيرة أو الإعدام، والملاحقات القضائية، وملاحقة المشاركين في الاحتجاجات أو الذين يقومون بتغطية الوضع العام للنساء في هذا البلاد، مع استمرار التحدي الواسع لقانون الحجاب الإلزامي من قِبل النساء بعد مقتل "مهسا أميني" (22 عاماً) في سبتمبر/أيلول 2022. وعلى الرغم من صدور قرار بالعفو والإفراج عن المعتقلين على ذمة الأحداث التي وقعت عقب مقتلها، إلا أن النظام استمر في القمع ما يجعل الفترة بعد مقتل "أميني" أحلك فترات حقوق الإنسان في تاريخ الجمهورية الإسلامية، خاصة تجاه النساء.

وعقب مقتل "مهسا أميني"، استعملت قوات الأمن القوة المفرطة والمميتة ضد المحتجين. وتشير تقارير إلى أنها أسفرت عن مقتل أكثر من 550 متظاهراً، من بينهم ما لا يقل عن 68 طفلاً، واعتقال عشرات الآلاف. وتعبر منظمة صحفيات بلا قيود عن قلقها من غياب التحقيقات المستقلة والنزيهة في الوفيات والإصابات التي تعقب استخدام قوات الأمن للقوة المفرطة ضد المحتجين، وتفشي إفلات المجرمين من العقاب، وانعدام وجود آليات لإنصاف الضحايا.

وفي الحق في الحياة، شهدت إيران زيادة ملحوظة في عمليات الإعدام خلال 2024. وحسب التقارير، فقد تم إعدام 901 شخص خلال العام، بما في ذلك حوالي 40 شخصاً خلال أسبوع واحد في ديسمبر/كانون الأول 2024. وهو ارتفاع كبير مقارنة بـ 853 شخصاً في عام 2023، ومقارنة بـ 576 في العام 2022. كانت أغلب عمليات الإعدام متعلقة بجرائم تتعلق بالمخدرات، لكن تم إعدام المعارضين والأشخاص المرتبطين باحتجاجات عام 2022 أيضًا. كما كان هناك ارتفاع في عدد النساء اللاتي تم إعدامهن (31 امرأة) والتي وصلت إلى مستوى غير مسبوق في تاريخ البلاد، العديد منهن أعدمن بتهمة القتل، كن ضحايا للعنف الأسري أو الاعتداء الجنسي وارتكبن القتل للدفاع عن أنفسهن أو بدافع اليأس. ويظهر هذا الوضع بوضوح أن النظام الإيراني يستخدم الإعدامات كأداة لنشر الرعب في المجتمع ولثني الناس عن النزول إلى الشوارع. كما أصدر النظام أحكامًا بالإعدام على نساء سياسيات، وهو ما لم يحدث منذ 15 عامًا، وقام بقتل الأفراد بطريقة تسمح له بالدفاع عن نفسه أمام الرأي العام المحلي والدولي.

فيما يخص حرية التعبير وتكوين الجمعيات أو الانضمام إليها وحرية التجمع، فقد مارست السلطات الرقابة على وسائل الإعلام، وتشويش محطات التلفزة التي تبث من خارج البلاد مع تحكمها بوسائل الإعلام المحلية. وحجب أجزاء من محتوى تطبيقات للهاتف المحمول ومنصات للتواصل الاجتماعي، بما في ذلك فيسبوك، وغوغل بلاي، وإنستغرام، وسيغنال، وتلغرام، وواتساب، ومنصة أكس، ويوتيوب. كما ثبت وجود نمط يتمثل في قطع الإنترنت وحجب منصات التواصل الاجتماعي وخدمات الرسائل في أوقات الاحتجاجات ومواقعها. وسبق أن حثّ الأمين العام للأمم المتحدة السلطات الإيرانية على ضمان عدم تطبيق إجراءات قطع الإنترنت على الإطلاق، لما يترتب عليها من عواقب غير مقبولة على حقوق الإنسان. وتلاحق السلطات أهالي المتظاهرين المعتقلين وتمنعهم من ممارسة الحق في "التجمع السلمي" وتعرضهم لأعمال انتقامية. كما استمرت السلطات في التضييق على التجمع السلمي لمنظمات المجتمع المدني المستقلة، من بينها منع عقد الاجتماعات والقبض تعسفاً على أعضاء الجمعيات المدنية والنقابات، بمن فيهم أعضاء رابطة المعلمين الإيرانيين والنقابة الحرة للعمال الإيرانيين. كما رفضت تسجيل منظمات المجتمع المدني واشتراط الالتزام بـ"مبادئ الإسلام" لتأسيس الجمعيات.

في الاعتقال والإخفاء القسري، تفيد التقارير باعتقال عشرات الآلاف منذ مقتل "مهسا أميني" واحتجازهم لفترات طويلة دون محاكمة، والإخفاء بمعزل عن العالم الخارجي في مراكز احتجاز غير معترف بها تتبع وزارة المخابرات، والحرس الثوري، وهيئات مختلفة من الشرطة الإيرانية. ويتم منع إمكانية الاتصال بالمحامين والتواصل مع الأسر، لا سيما في الحالات التي يكون فيها المحتجزون صحفيين أو مدافعين عن حقوق الإنسان أو محامين أو متظاهرين، أو من الأقليات. وتقوم السلطات بملاحقة وتضييق الناشطين والمحامين الذين يسعون للعدالة والمساءلة، واعتقالهم ومحاكمتهم بتهم غير مبررة. كما استمرت تدهور حالة المعتقلين السياسيين في مراكز الاحتجاز الرسمية وغير الرسمية، والتي تشمل: ممارسة التعذيب وسوء المعاملة بغرض انتزاع الاعترافات أثناء التحقيقات، سوء المعاملة في السجون، الحبس الانفرادي، الاكتظاظ، الظروف غير الصحية، سوء نوعية الطعام والمياه، والحرمان من الرعاية الطبية.

كما استمرت السلطات في إصدار وتعديل القوانين التي تميّز ضد النساء والفتيات، ولا سيما المتعلقة بالحجاب الإلزامي، وبناء نظام اضطهاد جديد، يوصل النساء إلى الإعدام، وينتهك هذا القانون القوانين والمبادئ الإنسانية بما في ذلك الحق في المساواة وعدم التمييز، والأمن، وحرية التعبير، والدين والمعتقد، والخصوصية، والاستقلالية. كما أدخلت السلطات تعديلات على قانون العقوبات الإسلامي في عام 2021، والتي سمحت بزيادة قمع الحرية الدينية وحرية التعبير، واستمرار المعاقبة على الردة بعقوبة الإعدام.

وفي استقلال القضاء، ما تزال السلطة التنفيذية متحكمة ومُسيرة للسلطة القضائية، حيث يقوم المرشد الأعلى بتعيين رئيس المحكمة العليا، والنائب العام، ورئيس هيئة التفتيش العامة، ومعظم الهيئات القضائية، والتي تشترط أن يكون القاضي ملتزماً بالأيدلوجيات السياسية والدينية التي تقرها الدولة. وما يزال نظام المحاكم الثورية يعمل في البلاد، وهي التي تحكم في القضايا السياسية وأمن القومي للبلاد والتي غالباً ما تكون اتهامات مرتبطة بالدفاع عن حقوق الإنسان وحرية الرأي والتعبير، وتستخدم فيها الاعترافات تحت التعذيب والإجراءات المغلقة أمام المحاكم الثورية، ومعلومات المخبرين دون قرينة قانونية أساساً لإصدار الأحكام التي تنطوي على عقوبات الإعدام. كما يعاني المحامون عن المعتقلين السياسيين من الترهيب بالاستدعاء والاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات، والتهديدات والإيقاف الفعلي عن مزاولة مهنة المحاماة، والاعتقال والاحتجاز، والتعذيب وغيره من ضروب سوء المعاملة، فضلاً عن الملاحقة الجنائية.

تطالب منظمة صحفيات بلا قيود دول العالم لدفع إيران إلى الآتي:

  • الإفراج عن جميع المعتقلين السياسيين، وتجميد عقوبة الإعدام، وإعادة مراجعة القوانين والعقوبات المرتبطة بها.
  • تنفيذ العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية تنفيذاً كاملاً في نظامها القانوني المحلي وضمان تفسير القوانين المحلية وتطبيقها بما يتوافق مع التزاماتها بموجب العهد، وضمان وحماية الحق في التجمع السلمي وتجنب القيود التي تتعارض مع العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، وضمان عدم ملاحقة الأفراد الذين يمارسون حقهم في التجمع السلمي ومعاقبتهم بتهم تعسفية بسبب ممارستهم حقوقهم.
  • ضمان استقلال السلطة القضائية الإيرانية، وإنهاء حالة الإفلات من العقاب للمسؤولين عن جرائم قتل وإصابة المحتجين في إيران وتعويض العائلات تعويضاً عادلاً.
  • التصديق على اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، واتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، والاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري.
  • السماح للمقرر الخاص المعني بحالة حقوق الإنسان في إيران، والمقررين الخاصين الآخرين في آليات الأمم المتحدة بزيارة البلاد ولقاء المعتقلين.
  • ضمانات قانونية على نظام المراقبة، لحماية خصوصية المواطنين الإيرانيين، بما في ذلك وقف المواد التي تجرم على تشفير البيانات، ووقف سيطرة الحكومة والجيش على البنية التحتية للإنترنت التي تقيّد خدمات الإنترنت والمواقع الإلكترونية.
  • إحراز تقدم جوهري في إنشاء مؤسسة وطنية لحقوق الإنسان وفقاً للمبادئ المتعلقة بمركز المؤسسات الوطنية لتعزيز وحماية حقوق الإنسان (مبادئ باريس) والتي لم يحرز فيها أي تقدم منذ موافقة الحكومة قبل أكثر من 20 عاماً على إنشاء تلك المؤسسة.

 

Author’s Posts

مقالات ذات صلة

Image