تحولت وسائل الإعلام اليمنية الرسمية وغير الرسمية إلى منابر لتصدير موجات عدائية وشحن طائفي ومذهبي، وجبهات صراع أخرى يحقق فيها كل طرف انتصاراته الميدانية، وذلك على حساب قضايا الناس والعامة،
وأصبح الإنسان اليمني ومعاناته مجرد هامش في المواد الإعلامية المنشورة عبر وسائل الإعلام، ولا يتم تناولها بدون استغلال سياسي حاد، وتحميل الخصوم أسبابها وتداعياتها، وتسخيرها لتحقيق أهداف سياسية فقط.
ويعد قصور التقييم المهني للأحداث سمة رئيسية للإعلام اليمني، مع غياب استراتيجية ورؤية واضحتين لما بعد الحدث، مع عدم تحفيز الأمل لدى المجتمع، ودفعه باتجاه البحث عن الحلول المجتمعية للمشاكل الآنية، وعوضا عن ذلك يقدم الإعلام المشاكل والصراعات الحالية على أنها لعبة سياسية، حيث يتعاطى الإعلام مع الأحداث وتداعياتها بشكل دعائي، دون الاعتماد على الوقائع، ولا ينقل صوت الجمهور، ما جعله غير مؤثر وضعت تطورات الأحداث منذ سبتمبر 2014الإعلام اليمني في خط المواجهة الملتهبة، فبعد نسف كل تراكمات السياسة اليمنية، وضرب مسيرة التغيير اليمنية التي توجتها الثورة الشعبية في العام 2011م؛ وما نتج عن هذه الأحداث من تشكل سلطة جديدة تُعرف بسلطة الأمر الواقع التي فرضها تسارع التطورات بعد تلك الأحداث لتصبح لاحقاً انقلاباً متكامل الأركان، عمل على استهداف كافة ملامح الحياة السياسية، وتطبيع البلد بطابع الحرب؛ كان الإعلام والصحافة اليمنيان أحد أكثر أوجه الحياة التي تعرضت للاستهداف، وتأثرت بشكل كامل في طبيعتها وبنيتها وأدائها وتأثيرها.
أدى استيلاء الحوثيين على عدد من مؤسسات الإعلام الرسمية من ناحية، إلى انقسام في الإعلام اليمني الرسمي وتوزعه بين سلطتي الانقلاب والشرعية، وساهم هذا في نقل رسائل وخطاب القوى الانقلابية إلى جمهور واسع من اليمنيين، بعد أن كان هذا الخطاب مقتصراً على أتباع هذه القوى التي حاولت بالسيطرة على الإعلام اليمني السيطرة على عقل الشعب وانتحال الشرعية والمشروعية لتمكين الانقلاب من الترسخ في أذهان اليمنيين كأمر واقع، ولهذا عملت على السيطرة على وسائل الإعلام الأكثر تأثيراً في البداية، كالتليفزيون والإذاعة، أما مؤسسات الصحافة الرسمية فأجلت الاستيلاء عليها لوقت لاحق لضعف تأثيرها على الجماهير، ومن ناحية أخرى؛ أدى قمع الحوثيين لوسائل الإعلام غير الرسمية المحسوبة على خصومهم إلى انحسار فضاء الحرية الإعلامية التي كانت البلد شهدتها بعد الثورة الشعبية في َ 2011م، ولم يتبق في المشهد سوى إعلام الصوت الواحد الموجه، قبل أن تبدأ وسائل الإعلام بالبحث عن بدائل لها في مناطق خارج سيطرة الانقلاب.